النية في بيتوتة منى1393/12/16

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 

النية في بيتوتة منى1393/12/16

مسألة 5 البيتوتة من العبادات تجب فيها النية بشرائطها[1]

الأقوال:

ذهب جماعة إلى وجوب قصد الوجوب وآخرون إلى وجوب قصد التمييز في نية العبادات. واختلفت كلمتهم في عبادية البيتوتة على قولين الأول كون البيتوتة عبادة والثاني عدم كونها عبادة فلا تحتاج إلى النية. وتعيين الحج، والوجه، والقربة، والاستدامة الحكمية[2]

قال في مسالك: ويجب فيه النية مقارنة لأول الليل بعد تحقق الغروب، وقصد الفعل وهو المبيت تلك اللية، والمستفاد منه أنها عبادة ويشترط في صحتها قصد امتثال الأمر. وقال في الرياض مثله[3] وقال في المستند: وتجب النية في البيتوتة مقارنة لأول الليل بعد تحقق الغروب، والواجب فيها قصد الفعل وهو المبيت تلك الليلة والقربة[4]. واشتراطه المقارنة بين العمل والنية يدل على أن النية عنده اخطارية أي اخطار العمل وتصوره ثم ينويه وليست من الدواعى النفسانية. وهذا نظير ما يفعله اليوم المبلغون في أيام الحج بالنسبة إلى المكلفين حيث يجمعونهم قبيل الغروب في منى ثم يلقنونهم النية مثلاً: نبيت هذه الليلة فيمنى لحجة الإسلام قربة إلى الله تعالى. والظاهر بل صريح الجواهر أن البتوتة من العبادات وتفتقر إلى النية: وكيف كان فتجب فيه النية التي هي الأصل في كل مأمور به، وقد نص عليه في الدروس وغيرها، ولكن عن اللمعة الحلية أنه يستحب، وضعفه واضح[5]وقال المحقق الخويي (رحمه الله)، ثم لا ريب في أن المبيت عمل قربي عبادي يحتاج إلى قصد القربة[6] ولكن مع هذا قد خالفهم في ذلك السيد محقق الداماد على مافي تقريراته وذهب إلى أنها توصلية: انه ليس من العبادات ولا دليل عليه والإطلاقات تنفيه[7].

الأدلة في المسألة:

من الأدلة الأصل وهو على نحوين أما لظفي وأما عملي أما الأصل اللفظي والمراد به هنا الاطلاقات النافية بمقتضى إطلاقها شرطية النية في الواجبات المطلقة الغير مقيدة بوجوب قصد الامتثال. كما إذا أمر المولى وقال: طهر المسجد، أو فليبت في منى، فإنها مطلقة وغير مقيدة بالقصد. لكن النزاع هنا مبنى على النزاع  في المعروف بين الإعلام في امكان اخذ قصد امتثال الأمر في متعلق الأمر واستحالته. مثلاً هل بإمكان الشارع أن يقول صل مع قصد القربة باخذ القصد في متعلق الأمر وهو الصلاة أم لا بل يسلزم الدور؟ ذهب جماعة من الإعلام إلى استحالة ذلك لأنه كيف يمكن قصد امتثال الأمر قبل صدور الأمر من المولى وهذا مستحيل. وذهب آخرون إلى امكانه وان الدور المزعوم لا أساس له كما هو المختار، لأن سبب تصور الدور هنا أنهم افترضوا انه لابد من تصور المتعلق مقارناً للأمر به وأما إذا قلنا أن تصوره سابق على الأمر وبعد تصوره بحدوده وشرائطه، يأمر به المولى، فلا يأتي إشكال الدور حينئذ، وذها نظير من لم يتقن لغة من اللغات فإنه يتصور المعنى واللفظ ثم يتكلم حذرا من الوقوع في الخطأ، وهذا أمر ممكن في نفسه، فكذلك قصد امتثال الأمر، ولكن من أخذ المسائل  الأصولية بالدقة العقلية والفلسفية، وقع في تلك العويصة، ولكن إذا نظرنا إليها من منظار العرف فلا نرى في ذلك استحالة أساساً في إمكان اخذ قصد امتثال الأمر في المتعلق. وإن أبيت وسلمنا، فيمكن تصحيح ذلك من باب متمم الجعل بمعنى أن الأمر والجعل الأول لم يكن وافيا بتمام مراد المولى فيأتي الأمر الثاني منه تتميماً للجعل الأول ولم يكن الثاني أمر ثانياً مستقلاً بل ناظراً إلى الأول، كما لو قال: صلّ ثم قال: يجب قصد امتثال الأمر فيها. على هذا الأساس إذا أمر المولى بالمبيت في منى ولم يتبعه بجعل متمم للأول مما يوجب قصد الامتثال، يكون من الواجبات المطلقة المقتضية بإطلاقها عدم شرطية النية فيها ويكون من دوران الأمر بين التعبدية والتوصلية، فلا تجب النية هذا بناء على امكان أخذ قصد الامتثال في المتعلق، هذا مقتضى الأصل اللفظي. وإذا لم يفى بالمراد فتصل النوبة إلى الأصل العملي، فيكون من الدوران بين الأقل والأكثر الارتباطيين والشك في الشرطية الذي هو مجرى اصالة البرائة، وعليه يتحد بالنتيجة مع الأصل اللفظي بناء على امكان أخذ قصد الامتثال في متعلق الأمر كما هو الصحيح. وأما بناء على القول بالاستحالة لا يمكن القول بالتوصلية لأنه يكون من الشك في المحصل ويجب فيه الاحتياط حينئذ. وقد استدل للقول بوجوب النية بأمور: الأول: قوله تعالى: {وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}[8] بتقريب أن الذكر الوارد في الآية الكريمة هو البتوتة وانه عبادة والمراد من الأيام فيها أيام التشريق والمبيت في منى، بقرينة التعجل والتأخر، كما استدل بها المحقق الخويي وآخرون، وقال في المعتمد: ثم لا ريب في أنه المبيت عمل قربي عبادي يحتاج إلى قصد القربة لقوله تعالى: {وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ} ومعلوم أن ذكر الله من الأعمال العبادية القربية فلو بات بلا قصد القربة لم يمتثل الأمر ويكون عاصياً وإن أتى بذات المبيت[9]. ويرد عليه أنه لا يصح الاستناد إلى الآية لأنه الذكر من الأعمال المستحبة في أعمال الحج كما في سورة البقرة {فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا}[10] فلا يمكن تفسيره بالبيتوتة. وان مورد الآية الأخيرة هو التقابل مع الثقافة الجاهلية حيث كانوا يهتمون بذكر آبائهم فأمر هم الله أن يذكروا الله أشد الذكر وهذا اجنبى عن ما نحن فيه. وسياتى الكلام في الأخبار الدالة على قصد القربة في المحاضرة الآتية.

الهوامش:

[1] تحریر الوسیلة، الامام الخمینی، ج1، ص455.
[2] مسالک الافهام، الشهید الثاني، ج2، ص364.
[3] ریاض المسائل، السید علی الطباطبائی، ج7، ص140، ط جامعة المدرسین.
[4] مستند الشیعة، المحقق النراقی، ج13، ص32.
[5] جواهر الکلام، محمد حسن النجفي، ج20، ص4.
[6] موسوعة الامام الخوئی، ج29، ص376.
[7] تقریرات محقق داماد، ج3، 658.
[8] بقره/سوره2، آیه203.
[9] موسوعة الامام الخوئی، ج29، ص376.
[10] حج/سوره22، آیه28.
[11] بقره/سوره2، آیه200.
تاريخ النشر: « 1394/01/15 »
CommentList
*النص
*المفتاح الأمني http://makarem.ir
عدد المتصفحين : 13817